منوعات

“كتاب الحرب” الذي فضـــح الحكام العرب

كشف الحسابات السياسية الأمريكية وأبعاد التفاعل العربي

ملخص الكتاب وتأثيره

يعد “كتاب الحرب” لبوب وودوارد من الكتب الأكثر إثارة هذا العام، إذ سلط الضوء على السياسات الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان، مع تحليل لتفاصيل العمليات العسكرية والسياسية.

أثار الكتاب جدلاً واسعاً في العالم العربي، خاصة مع ما يحتويه من معلومات حساسة وأحاديث خلف الكواليس عن تعامل الولايات المتحدة مع الحكومات والقادة العرب.

تمكَّن وودوارد من الوصول إلى مصادر عليا داخل الحكومة الأمريكية، ما أضفى على كتاباته مصداقية وجعلها محطّ أنظار الرأي العام.

 

بوب وودوارد ومسيرته الصحفية

وودوارد صحفي أمريكي ذو شهرة واسعة، وواحد من أبرز كتّاب التحقيقات الاستقصائية، حيث عمل في صحيفة واشنطن بوست منذ عام 1971.

اشتهر بتغطيته فضيحة “ووترغيت” التي أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي نيكسون. قدرته على الحصول على معلومات دقيقة وحصرية جعلت مؤلفاته ذات وزن كبير، ليس فقط لدى القراء، بل لدى صانعي القرار.

محاور الكتاب الرئيسية

  • محاربة الإرهاب وتغيير الأنظمة: يعرض وودوارد كيف تغيرت الاستراتيجية الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، من التركيز على القضاء على القاعدة وطالبان إلى محاولة “بناء” أنظمة سياسية تتماشى مع المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. يجادل وودوارد بأن هذه التحولات شملت أفغانستان والعراق، وأدت إلى تغيرات جذرية في الاستراتيجية الأمريكية.
  • دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: الكتاب يتناول بالتحليل الأدوار الأمريكية في العراق وأفغانستان، ويستعرض الحروب والتدخلات التي قامت بها الولايات المتحدة، مع التركيز على تبريراتها التي غالبًا ما كانت تحت شعار “محاربة الإرهاب” و”نشر الديمقراطية”.
  • مواقف القادة العرب: في أبرز فصول الكتاب، يسلط وودوارد الضوء على تصريحات منسوبة لقادة عرب حول النزاعات في المنطقة، وأبرزها المواقف المتعلقة بفلسطين وغزة. تشمل هذه التصريحات لقاءات مغلقة مع مسؤولين أمريكيين تم التطرق خلالها إلى قضايا مثل المقاومة الفلسطينية، ووضع حركة حماس، والعلاقات العربية الإسرائيلية.

 

نقاش وودوارد حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

يعتبر ما ذكره وودوارد عن موقف بعض القادة العرب من القضية الفلسطينية من أكثر الجوانب التي أثارت الجدل.

يصف الكاتب حركة حماس كعقبة أمام الاستقرار، في حين ينتقد مواقف بعض الدول العربية التي تظهر على العلن دعمًا لفلسطين، لكنها تتخذ مواقف مختلفة في الاجتماعات الخاصة مع المسؤولين الأمريكيين.

يشير الكتاب إلى أن بعض الدول العربية ترى في إسرائيل شريكًا أمنيًا في ظل وجود منظمات كحماس، ما يعد تناقضًا بين الخطاب المعلن والسياسات السرية.

 

انتقادات الكتاب في العالم العربي

تعرض الكتاب لانتقادات حادة في العالم العربي، خاصة لتبريره بعض التحركات الأمريكية في المنطقة، وتلميعه لصورة إسرائيل.

يشير المنتقدون إلى أن وودوارد يقدم وجهة نظر غربية تبريرية للأحداث، ويتجاهل في بعض الأحيان السياق التاريخي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة عند ذكره أحداثًا مثل عملية السابع من أكتوبر بوصفها اعتداءً غير مبرر، دون إشارة لتاريخ القضية الفلسطينية.

 

كيف يقرّب وودوارد القارئ الغربي من الحسابات السياسية الأمريكية

يستهدف “كتاب الحرب” في الأساس القراء الغربيين، بهدف تقديم وجهة نظر داعمة للسياسة الخارجية الأمريكية.

يتناول الكتاب بعض الأحداث والشخصيات من منظور يخدم هذه السياسة، ويقلل من أهمية بعض القضايا التي تهم الشارع العربي والإسلامي.

يرى وودوارد أن الشعوب العربية لا تتابع هذه الإصدارات بشكل نقدي، ما يسمح بتمرير رسائل تلميع للسياسة الأمريكية والإسرائيلية.

 

تصريحات القادة العرب التي أثارت الجدل

من أبرز المقتبسات المثيرة للجدل هي تصريحات بعض القادة العرب حول حركة حماس بعد هجوم 7 أكتوبر، حيث جاءت لقاءات مع مسؤولين أمريكيين مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكن لطرح آراء تتعارض مع الخطاب العلني.

مثال ذلك تصريحات لملك الأردن، الأمير القطري، وولي العهد السعودي التي أظهرت مواقف مغايرة عمّا هو معلن على الإعلام. فيما يلي أبرز هذه التصريحات:

الملك عبد الله الثاني (الأردن): في 13 أكتوبر 2023، خلال لقائه بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أشار الملك عبد الله إلى أن الأردن حذّر إسرائيل من تهديدات حماس، واصفًا الحركة بأنها جزء من جماعة الإخوان المسلمين، وأكد على ضرورة هزيمتها، مع توضيحه أنه لا يستطيع التصريح بذلك علنًا.

الأمير تميم بن حمد آل ثاني (قطر): في نفس اليوم، أكد الأمير تميم لبلينكن أن قادة حماس في الدوحة لم يكونوا على علم مسبق بهجمات 7 أكتوبر، مشيرًا إلى أن يحيى السنوار قد يكون تصرف بمفرده.

الأمير فيصل بن فرحان آل سعود (السعودية): في 14 أكتوبر 2023، أشار وزير الخارجية السعودي إلى أن إسرائيل كان يجب أن تكون أكثر حذرًا من حماس، واصفًا الحركة بأنها جزء من جماعة الإخوان المسلمين.

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (الإمارات): خلال لقائه ببلينكن، شدد الشيخ محمد على ضرورة القضاء على حماس، مشيرًا إلى أن الإمارات حذّرت إسرائيل مرارًا من تهديدات الحركة.

الرئيس عبد الفتاح السيسي (مصر): أبدى الرئيس السيسي اهتمامه بالحفاظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل، ورفضه القاطع لتهجير الفلسطينيين إلى مصر.

 

مواقف حول الإعلام العربي و”العرب لا يقرؤون”

يستشهد الكتاب بمقولة شهيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان حول القراءة في العالم العربي، إذ قال: “العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون”.

يرى البعض أن هذه المقولة تعكس الاستراتيجية الغربية والإسرائيلية التي تعتمد على أن المعلومات قد تكون متاحة، ولكنها لا تصل لعمق الشارع العربي.

 

“كتاب الحرب” وتحديات القارئ العربي

يوجه هذا الكتاب تحديًا للقارئ العربي للتعمق في فهم الأحداث دون الاكتفاء بما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي.

يشير المؤلف إلى أهمية القراءة الناقدة والوعي بأبعاد السياسات، مشيرًا إلى ضرورة فهم السياق العالمي ومصالح الدول الكبرى. وعلى الرغم من أن الكتاب لا يعكس دائمًا مواقف حيادية، إلا أنه يمثل مرجعًا يمكن الاطلاع عليه بوعي وتحليل.

اقرأ ايضاً سر هيمنة الاقتصاد الأمريكي على العالم

 

“كتاب الحرب” لبوب وودوارد يعد إضافة إلى أدب التحقيقات الاستقصائية، ويسلط الضوء على العديد من التناقضات في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط.

ورغم التحديات التي يطرحها هذا الكتاب، تبقى قراءته بتمعن وتحليل ضرورية لكل مهتم بالشأن السياسي، خاصة وأنه يسلط الضوء على أمور قلما تُناقش على الساحة الإعلامية العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى